اذا لاحظت ان طفلك يميل الى الوحدة والجلوس بمفرده واذا حدث وقام للعب مع اصدقاءه فهو يكون عنيفا وحادا فى اللعب معهم.. واذا لاحظت ان لديه اضطراب فى النوم بقلة عدد ساعات النوم او العكس.. واذا لاحظت اضطرابا فى شهية طفلك المعتادة.. فهنا يجب ان تعرضيى طفلك على طبيب نفسى لأنه قد يكون مصابا بالاكتئاب..
قد تتعجبين وتتسألين وهل يصيب الاكتئاب الاطفال؟ توجهنا بهذا السؤال الى الدكتورة دينا زقلمة استشارى الطب النفسى للأطفال فأجابت: نعم يصاب اطفال كثيرين بهذا المرض اللعين.. والمؤسف ان هناك امهات كثيرة لا تعى ذلك وتستهين بالأمر لأن مرض إكتئاب الاطفال لا يتم اكتشافه او تشخيصه بسهولة.. وتعتقد الام انها اعراض بسيطة قد يشفى الطفل منها بمجرد الخروج او التنزهة او بشراء لعبة جديدة.
المدهش فى الأمر ان الابحاث الحديثة قد اثبتت ان النسبة العالمية فى حالات اكتئاب الأطفال وصلت الى 10% فى سن 6 الى 12 عام وبلغت 4% فى سن ما قبل 6 سنوات واثبتت الاحصائيات ايضا ان عدد الأطفال الذكور الذين يصابون بالاكتئاب يزيد عن الاطفال الاناث فى السن ما قبل 10 سنوات
أما السبب فى عدم اكتشافه او تشخيصه فيرجع الى عدم انتباه الام الى الاعراض المصاحبة للمرض وتعتبرها احاسيس طبيعية قد يمر بها كل طفل ولكن يجب التنبيه هنا الى ان اكتئاب الاطفال يختلف عن اكتئاب البالغين فالبالغ يستطيع التعبير عن نفسه وتظهر عليه اعراض حزن ويأس وبكاء , اما الطفل المصاب بالاكتئاب فلا يستطيع التعبير عن نفسه ولكن تظهر عليه اعراض يجب على الام ان تلاحظها وتضعها فى عين الاعتبار فقد يأتى الاكتئاب للطفل فى صورة احساس بالارهاق او انعدام الحافز او التحدث عن الموت مع الانفعال والغضب الدائم.. وقد تكون هناك اعراض نفس جسمانية مثل آلام البطن, الصداع , الاسهال, القىء, وقد يحدث تبول لا ارادى للطفل اثناء النوم .. وهذا لا يعنى ان كل طفل تظهر عليه بعض هذه الاعراض انه يعانى من الاكتئاب ولكن ان ظهرت عليه كثير من هذه الاعراض ولمدة تزيد عن 6 أسابيع على التوالى فهذه اشارة للأم لمزيد من الملاحظة والتوجه للطبيب الذى يمكنه تشخيص المرض ببعض القياسات والدلالات.
.. وما هى أسباب إصابة الطفل بالإكتئاب؟
.. تجيب د دينا زقلمة أن الاستعداد الوراثى يكون على رأس القائمة, فإذا كان هناك تاريخ فى العائلة لهذا المرض فقد يصاب به الطفل مبكرا, وهناك سبب آخر هو افتقار الطفل لمشاعر الحب وسط أسرته او بسبب الغيرة الشديدة من اخوته فقد تفضل الأم أخ عن الآخر بصفة مستمرة وملحوظة , فيصاب الآخر بالاكتئاب.. ومن الاسباب ايضا وجود الخلافات الزوجية بين الأب والأم او ان يكون الطفل مريض بمرض مزمن ويعرف ذلك.. وأخيرا بسبب تعرض بعض الأطفال للعنف البدنى من احد الأبوين مما يصيبهم بالاكتئاب
.. وكيف يمكن علاج الاكتئاب؟
.. بداية يجب ان تعرف الأم متى تتوجه للطبيب فمن ناحيتها تستطيع ان تلاحظ اى تغيرات فى مزاج الطفل او تحصيله الدراسى وسلوكياته عموما.. عليها بعد ذلك ان تتحدث الى الطفل من خلال اللعب معه لاكتشاف بعض الكلمات التى قد تعبر عن مشاعر الحزن او الموت او المرض او الخوف او يمكنها اكتشاف مرضه من خلال رسوماته وبذلك تستطيع ان تصل الى أعماقه التى لا يستطيع التعبير عنها.
وعموما فإن علاج اكتئاب الاطفال يتم حسب حدته. فهناك نوعان من الاكتئاب اولها اضطراب الاكتئاب الجزئى وهو غير شديد ولكنه يستمر طويلا والنوع الثانى هو اضطراب اكتئابى رئيسى او ما يسمى بالاكتئاب المزدوج وهو شديد ويصاب به الطفل بعد ان يصاب بالاكتئاب الجزئى لمدة تصل الى خمس سنوات بدون علاج. وفى بعض الحالات الشديدة يضطر الطبيب الى وصف مضادات اكتئاب ولكنها خاصة بالاطفال هذا الى جانب العلاج النفسى المعرفى السلوكى للأم والطفل. ويجب على الام الا تنزعج من كلمة اكتئاب الطفل ولا تنزعج ايضا من اعطائه عقاقير مضادات الاكتئاب لأن مهما بلغت الاعراض الجانبية حدتها فهى اقل خطورة بكثير من الاكتئاب نفسه.. لذلك يجب على الفور بالبدء فى العلاج.. اما فى الحالات البسيطة والمتوسطة فمن الممكن الاكتفاء بالعلاج النفسى فقط وذلك عن طريق اخصائيين نفسيين
.. وأسال د. دينا ماذا يحدث لو لم تكتشف الام ان طفلها مصابا بالاكتئاب؟
.. اذا حدث ذلك فسوف يزيد الأمر تعقيدا لأن الاكتئاب هنا يتحول الى اكتئاب دائم وتسوء احوال الطفل ومعاناته ومعاناة الاسرة معه, وقد تكون هناك مخاطر للجوء الطفل الى الانتحار.. وعموما للوقاية من هذاالمرض اللعين يجب توفير جو من الحب والحنان والتفاهم بين الابوين والطفل, ويجب عدم ارهاب الطفل او تخويفه من أى شىء فهناك بعض الأمهات تلجأ لذلك لتتمكن من السيطرة على الطفل بأن تخيفه من الشرطى مثلا او العفريت او غير ذلك, وعلى الأم ايضا الا تضغط على الطفل من الناحية الدراسية فتقبل نقاط ضعف طفلها وتعترف بها وتعلم ان هناك تفاوت فى القدرات بين طفل وآخر, اما الخلافات الزوجية فهناك ضرورة ملحة على عدم تعريض الطفل لها, وأخيرا سوف تكون الرياضة من اساسيات الوقاية من مرض الاكتئاب ويمكن للأم تنمية موهبة خاصة بالطفل لرفع معنوياته واحساسه بالتميز.